22 سبتمبر 2016

المقال (2) : كيف لي أن استشعر ؟



 


منذ متى و تمضى الحياة دون أن ندرك ما فيها , و كم سنعيش حتى نشعر ما توجب علينا أن نشعر به حينها , أين هو الطريق الذي سيدلنا عن حلاوة لو ذُقناها لنّغمسنا فيها طوال حياتنا. قبل سنتين قررت أن أستغل طريق السفر إلى جامعتي بالإستماع إلى بعض المقاطع التحفيزية و الدينية و من هنا بدأتُ أعي م أستمع إليه و أطبق ما تحتاجه نفسي قدر الإمكان , فلو استشعرنا وجودنا في هذه الدنيا لوجدنا إننا مسؤولون عن تربية ذاتنا و ليس فقط ما تربينا عليه. خلال هاتين السنتين حاولت مراراً و تكراراً أن أُربي نفسي على عادات و خصال جديدة أنتفع بها و أكثر ما تردد على مسمعي آنذاك هو ( الاستشعار ).


قد يمر المرء بمواقف و ظروف ينغرس في همها دون أن يستشعر خير ما فيها , فالاستشعار و بنظري يُعلم المرء الرضى و القناعة بما يحل به في يومه فيستطيع أن يدرك أن الخير قادم لا محالة و أن يستشعر بعظمة تدبير الخالق بالرغم أن عظمة الله عز وجل واسعة وكبيرة جدا حيث لا يستطيع الإنسان أن يحيط بها . إذاً كيف لي أن استشعر ؟
 


أن تقرأ الأذكار صباحا و مساءا هو أمر طبيعي جدا ( احفظ الله يحفظك ) و لكثرة ترديدها أصبحنا نذكُرها عن غيب ولكن حين قرأت كتاب بعنوان (أقوّم قيلا ) للكاتب سلطان موسى الموسى قد نصحتني به إحدى الصديقات و كان يتحدث فيه عن حقيقة وجود الإله و لماذا الله هو الأحق من بين الآلهة كان يستعرض فيه المفارقات بين الأديان و كيف هو إيمانهم و بماذا يستشهدون منذ ذاك الحين لم أقرأ أذكاري و خاصة ( رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبيا ) إلا و أقف عندها و كأنني أقرأها للمرة الأولى لابد من هذه الوقفة و الاستشعار بالرضى التام بهذه النعمة فالإسلام أتى ليخاطب العقول, فالحمدلله ولِدنا و لم نختر ديننا و لكن رضينا به و أسأل الله أن يرضى عني و عنكم.


كيف لك أن تستشعر شيئا كنت تعتادهُ من قبل أنت و الكثيرون من الناس, ستكون أنت الفائز حقا , ليلة الجمعة من الليالي التي أحرص أن لا أضيّعها أبدا و لا سيما أن يوم الجمعة كان يبدأ عندي حينما أستيقظ صباحا و قد تغير هذا المنظور منذ أن سمعت مقاطع جمة عن فضل الصلاة على النبي فازداد شوقا إلى يوم الخميس و الذي مع غروب شمسه تبدأ ليلة الجمعة أصبحت استشعر قيمة الميزان و إلى أي حد أستطيع ملئه بالذكر و الصلاة على النبي , حقيقة هذا الاستشعار خلق في نفسي شغفا كبيرا فلم أعد أنتظر الأيام تجري و حسب بل أستغل دقائقها و ثوانيها ما استطعت.


ذات يوم طلبت مني إحدى الزميلات و هي كفيفة أن أساعدها في أداء الواجب فذهبت حيث تتواجد هي و بدأنا مباشرة بالعمل و كانت هذه المرة الأولى التي أجلس معها تبادلنا الحديث و تعارفنا أكثر حينها دخلت صديقتان لها و هم من ذوي الاحتياجات الخاصة و بدأوا بالسلام و الحديث مع بعضهن لبعض توقفت أنا فجاءة عن إكمال ما بدأت به و أخذت عيناي تسجل ما تراه و قلبي يستشعر بكل نعمة فقدها الطرف الآخر من هذه الجلسة و بعد دقائق عرّفتني زميلتي بهم فرحبوا بي بابتسامة عريضة و سلاماً حار. موقف بسيط و متداول و ليس بالجديد و لكني أراه للمرة الأولى و بهذا القرب. غرس في نفسي خجلا على أياما مضت كنت أتذمر فيها على شيئا لا يستحق فالفاقد وقتها كنت أنا من بينهم.
 
 
الاستشعار هو نعمة على عرش النعم , فكيف لك أن تحمد الله على نعمة حباها لك دون الاستشعار بها و إلى أي سوء قد تصل إليه بفقدانها. على حد علمي بأن الاستشعار هو نعمة أنت تستطيع أن تجتذبها إليك بعكس النعم الأخرى و التي يوزعها الله بقدر و لكل إنسان قدر من النعم. الاستشعار بذكر أو يوم أو بصر و غيرهم الكثير فهي منفعة لك قبل كل شيء, فحاول أن لا تضيّعها و أن تعوّد نفسك عليها . فاليوم و عن تجربة كانت سابقا مجرد هدف أصبحت استشعر حتى بردود الناس و أمانيهم و أفكارهم, لا يفلت مني طرف خيط , مدركة لما هو حولي,  أصبحت أفكر بمدى أوسع و منافذ عديدة فاستفدت من الاستشعار منجم ديني و دنيوي , أتمنى أن أستمر عليه ما حييت و أن تذوقوا من .
حلاوته لتُروى أنفسكم بالرضى على حالكم.
 
 
 

بـ قلم : دعاء

0 التعليقات:

إرسال تعليق